-
أكثِرْ من الذكر والاستغفار .
قال علي - رضي الله عنه - : « ما ألهم الله سبحانه عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه » [29] ، وقال - تعالى - : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( الأنفال : 33 )
فأخبر أنه لا يعذب مستغفراً ؛ لأن الاستغفار يمحو الذنب الذي هو سبب العذاب ،
فيندفع العذاب ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من لزم
الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ، ورزقه من حيث
لا يحتسب » [30] وقد قال - تعالى - : أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ
وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى
وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ( هود : 2-3 ) . فبين أن من وحَّده واستغفره ، متعه
متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ، ومن عمل بعد ذلك خيراً زاده من فضله » [31]
-
عليك بالضراعة والدعاء بقلب خاشع وعين باكية في أن يشفيك الله واحرص على تحري أوقات الإجابة ، وأقبل على الله وأثن عليه وناجه بأسمائه
الحسنى « ويستحب أن يقدم بين يدي دعائه صدقة ، من طيبات رزقه ، وأحب ماله
إليه » [32] .
-
إن المرض لا يعني انتهاء دورك في الحياة ؛ فإن كان الله قد أخذ منك
شيئاً فقد ترك لك أشياء ؛ فالمؤمن في حركة دائمة لا يتوقف وإن عرض له عارض
عالجه وأكمل المسير . وخير مثال على ذلك حَبْرُ الأمة ابن عباس - رضي الله
عنه - عندما فقد عينيه ؛ فماذا قال ؟ لقد قال :
إن يأخذِ اللهُ من عينيَّ نورهما *** ففي لساني وقلبي منهما نورُ
قلبي ذكي ، وعقـلي غير ذي دَخَلٍ*** وفي فمي صارمٌ كالسيف مأثورُ [33] 7 -
-
حافظ على الفرائض ولا تفرط فيها«بقدر استطاعتك ، مع سؤال أهل العلم فيما أشكل عليك » وأكثر من أنواع البر والإحسان ، وإن وجد من يقوم
بذلك عنك فدله عليه ، وابتعد عن كل ما يضر العقيدة كالذبح لغير الله ، وتعليق
التمائم والاستعانة بالجن ، والذهاب إلى السحرة والمشعوذين .
- حاول أن تشغل نفسك « وقت هدأة مرضك » بما ينفعك وبقدر استطاعتك «
وينبغي أن يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه ،
فإن هذا أدعى لحصول هذا المقصود » [34] ، فإن في إشغال نفسك ولو بأقل القليل
دفعاً للوساوس والهموم الناشئة عن كثرة التفكير في المرض .
- تذكر دائماً أيها المريض أن هذه الوصايا هي من صميم الواقع ولم تأت خارجة عنه ؛
فكم من أناس عانوا المرض ولكن بقوة الإيمان وأخذ الأسباب عَلَت
هممهم فأصبح المستحيل قابلاً للتطبيق .
يقول أحد الأطباء : « في يومٍ جاءني جريح مصاباً بلَغَم في قدمه ، وقد حمله
المجاهدون من منطقة بعيدة واستمروا ما يزيد عن يومين يحملونه على أحد البغال
وسط الجبال حتى جاؤوا به ، فوجدت جرحه متعفناً وبحاجة إلى إجراء عملية
سريعة لتلافي حدوث مضاعفات أخرى ، واحترت في الأمر فلم يكن عندي بنج
يصلح لإجراء العملية في هذا المكان ، ولاحظ مرافق الجريح حيرتي ، فقلت له : لا
بد له من إجراء عملية بتر الآن حتى لا تحدث مضاعفات والطريق لا زال أمامكم
طويل إلى كويته [35] ، حيث توجد المستشفى الكبير ، لكن لا يوجد عندي بنج
لإجراء العملية ، فالتفت إلى الجريح وتحدث معه في الأمر ثم فوجئت بالجريح
يطلب مني إجراء عملية البتر بدون بنج فقلت له كيف ؟ قال : كما أقول لك ! فقلت
له : وكيف تقوى على تحمل الألم ؟ فنظر إليّ بإشفاق ولم يتكلم وإنما أشار إليّ بأن
أبدأ في عملي » .
إلى أن قال : « استغرقت العملية ما يزيد عن ساعة ما خرجت فيها من فم
المجاهد الجريح تأوهة واحدة ؛ بل كان يلهث بذكر الله طوال الوقت . أنهيت
إجراءاتي وأغلقت الجرح ، ثم نظرت إلى وجه الجريح ، فابتسم ، وما لبث أن دخل
في نوم عميق ، أحسست بعد ذلك أني لم أكن أتعامل مع إنسان أو بشر ، وأدركت
أن الله قد خلق أناساً يرتقون بأنفسهم فوق طبائع البشر ليثبتوا للعالم أن غير الممكن
يصير ممكناً لو ارتقى الإنسان بنفسه إليه » [36] .
وفي آخر المطاف : ستظل الكلمات عاجزة مهما عبرت ، وستقف حائرة مهما حاولت ، ولكنه جهد
مقل لعله يكون فيه عون لمرضانا على طاعة الله ، شفى الله مرضى المسلمين ،
وفرَّج كربهم ، وأعلى درجتهم في جنانه